جودي شاهين: صوت من اللاذقية يتربع على عرش “ذا فويس 2025”

جودي شاهين: صوت من اللاذقية يتربع على عرش “ذا فويس 2025”
مقدمة: نبض سوريا على المسرح العالمي
في خضم البحث المستمر عن المواهب الاستثنائية التي يمكنها أن تعيد تشكيل خارطة الموسيقى العربية، لمع نجمٌ جديد بتوهج فريد على مسرح برنامج اكتشاف المواهب الأضخم، “ذا فويس 2025”. إنها الشابة السورية جودي شاهين، ابنة محافظة اللاذقية الساحلية، التي لم تأتِ إلى البرنامج حاملةً مجرد صوت، بل حملت معها حكايات بلدٍ عريق، وشغف مدينةٍ عرفت الفن منذ القدم. منذ اللحظة الأولى التي اعتلت فيها المسرح، تحوّلت جودي من شابة تحلم إلى حديث الجمهور ولجنة التحكيم، مؤكدة أن الإرادة والموهبة هما المفتاح لأي قفص قد يقيد الطموح.
لقد كان ظهور جودي شاهين بمثابة رسالة بليغة؛ مفادها أن سوريا لا تزال مصنعاً للأصوات الذهبية، وأن جيل الشباب فيها يمتلك من الطاقة والإصرار ما يكفي ليضيء مسارح العالم. إن قصتها ليست مجرد قصة متسابقة في برنامج، بل هي قصة فنانة شابة اختارت أصعب الطرق لتثبت ذاتها، فكان أن حصدت الإعجاب والتريند في وقتٍ قياسي.
🌊 اللاذقية: مهد الموهبة والإلهام

جودي شاهين: صوت من اللاذقية يتربع على عرش “ذا فويس 2025”
تأتي جودي شاهين من مدينة اللاذقية، عروس الساحل السوري، التي تتميز بتاريخ فني وثقافي غني، حيث البحر هو المُلهم الأول. لطالما كان صوت البحر، وصوت الرياح العابرة لأشجار الغار والزيتون، خلفية موسيقية طبيعية لأصوات الموهوبين في هذه المحافظة.
جودي، البالغة من العمر 20 عامًا، نشأت في بيئةٍ تحتفي بالفن الأصيل، وهو ما يفسر تعلقها العميق بالأغاني الطربية الكلاسيكية. هذه البيئة لم توفر لها مجرد أرضية للاستماع، بل كانت بمثابة مدرسة أولى صقلت ذائقتها الفنية، وشجعتها على خوض غمار تحدي الأغاني التي تتطلب قدرات صوتية استثنائية وثقافة موسيقية عالية.
إن التعبير عن الفخر بالأهل والبيئة، كما فعلت جودي في تصريحاتها، يشير إلى عمق الانتماء الذي تحمله هذه الشابة. هي ترى في نجاحها احتفاءً بكل من دعمها، بدايةً من أسرتها التي رأت في عينيها “شغفاً وقصصاً وأحلاماً كبيرة” وهي طفلة، وصولاً إلى بيئتها الصغيرة التي تدين لها بالكثير. هذا الدعم العائلي هو القاعدة الصلبة التي انطلقت منها جودي لتصل إلى مسرح “ذا فويس”.
🎶 الأداء الذي هزّ المسرح: “غلبت أصالح في روحي”

جودي شاهين: صوت من اللاذقية يتربع على عرش “ذا فويس 2025”
كانت لحظة الاختبار الحقيقية لجودي شاهين هي تجربة الأداء أمام لجنة التحكيم. فنانة في مقتبل العمر تختار أن تبدأ مسيرتها على مسرح البرنامج بأغنية لكوكب الشرق أم كلثوم، تحديداً أغنية “غلبت أصالح في روحي”، هو قرارٌ شجاع ينم عن ثقة كبيرة في الإمكانيات الصوتية. هذه الأغنية تحديداً تتطلب نفساً طويلاً، تحكماً استثنائياً في الطبقات الصوتية، وقدرة على الغوص في بحر الإحساس الطربي.
ولم تخيّب جودي الظنون. لقد قدّمت أداءً مبهراً بكل المقاييس.
تحليل للأداء:
-
التحكم الصوتي والتقنية: أظهرت جودي قدرة فائقة على التنقل بين المقامات، والتحكم في “الجوابات” والـ “قرارات” بمهارة فائقة، ما يؤكد أنها لم تأتِ لتعرض صوتاً جميلاً فحسب، بل لتبرهن على إتقانها للأصول.
-
العمق والإحساس: ما يميز الأغنية الطربية هو قدرة المؤدي على تجسيد الكلمات كأنها قصة تُروى. جودي لم تغنِ الكلمات، بل عاشتها، فاستطاعت أن تنقل إحساس اليأس والمصالحة الذي تحمله الأغنية إلى الجمهور ولجنة التحكيم.
-
الحضور المسرحي: على الرغم من رهبة المسرح، وقفت جودي شامخة، بثقة هادئة، متفاعلة مع الموسيقى بأصالة، مما جعلها تخطف الأضواء فوراً وتجذب انتباه المدربين.
لقد كان تألقها لافتاً لدرجة أن اسمها تصدّر “التريند” (Trending) في غضون ساعات من عرض الحلقة، ليس في سوريا وحدها، بل في أنحاء الوطن العربي، ما يعكس حجم الصدى الذي تركه صوتها.
⚔️ منافسة المدربين والـ “بلوك” المفاجئ

جودي شاهين: صوت من اللاذقية يتربع على عرش “ذا فويس 2025”
لم يقتصر الإبهار على الجمهور فحسب، بل وصل إلى أعضاء لجنة التحكيم المكونة من نجوم الطرب العربي. ما أن بدأت جودي في الغناء، حتى تهاوت الكراسي تباعاً، معلنةً رغبة كل مدرب في ضمها إلى فريقه.
كانت المنافسة حامية، ولكن ما زادها إثارة هو استخدام الفنان أحمد سعد للـ “بلوك” (منع مدرب من اختيار المتسابق) ضد الفنان السوري ناصيف زيتون. هذه الخطوة، وإن كانت تكتيكية بحتة في سياق البرنامج، إلا أنها دليل واضح على القيمة العالية لصوت جودي، وإدراك المدربين بأنها “ورقة رابحة” لا يمكن التفريط فيها. إن منع مدرب من ضّم متسابق يعني أن المدرب الحاجز يخشى المنافسة التي سيشكلها هذا المتسابق تحت إشراف المدرب الممنوع، مما يضع جودي في مصاف المواهب التي يُتوقع لها الفوز أو الوصول إلى المراحل النهائية.
اختيار جودي: الانضمام إلى فريق رحمة رياض
بعد منافسة كلامية ودية ومحاولات إقناع من المدربين، اتخذت جودي قرارها المصيري واختارت الانضمام إلى فريق الفنانة العراقية رحمة رياض.
هذا الاختيار لم يكن عشوائياً. رغم محاولات الإقناع القوية من المدربين الآخرين، اختارت جودي رياض، بعد نصيحة من ناصيف زيتون نفسه، الذي رأى في رحمة المدرب الأنسب لتطوير صوت جودي. يمثل هذا الاختيار بداية مرحلة جديدة، حيث ستعمل جودي تحت إشراف فنانة شابة لها رؤيتها الخاصة في الموسيقى، مما قد يساعد جودي على تطوير مرونتها في الأداء ودمج الطابع الكلاسيكي الذي تتميز به مع ألوان موسيقية أكثر عصرية، دون التخلي عن أصالة صوتها. إن انضمامها إلى فريق رحمة يضع عليها مسؤولية كبيرة، ويجعل الأنظار تترقب كيف سيوجه هذا الفريق موهبتها الفذة في مراحل المنافسة القادمة.
🌟 جودي شاهين: أكثر من صوت، إنها نموذج للإصرار
جودي شاهين ليست مجرد متسابقة ذات صوت جميل، بل هي نموذج للشابة العربية الطموحة التي تؤمن بقوة أحلامها. في حديثها بعد التأهل، عبّرت جودي عن رسالة مؤثرة ومُلهمة:
“من طفلة صغيرة بعينيها شغف وقصص وأحلام كبيرة، إلى فتاة اليوم تحقق أحد الأحلام العديدة التي رسمتها في خيالها، أنا سعيدة للغاية لرؤية أهلي والأشخاص الذين يحبونني فخورين بي، وأول من أركض لرؤية فرحة نجاحي في عيونهم هم أهلي وبيئتي الصغيرة التي بدونهم لما كنت هنا اليوم.”1
وتابعت بكلمة موجّهة لجميع الفتيات والشابات:
“جاي اليوم لقول إذا البنت بتكون داعمة لحالها بتقدر تكون أكبر مما هي بتتوقع.”
هذه الكلمات تتجاوز حدود البرنامج لتصبح شعاراً للقوة الذاتية والإيمان بالقدرات. جودي تمثل جيلاً يصر على النجاح رغم الظروف، مؤكدة أن الدعم الذاتي هو المحرك الأساسي لتحقيق المستحيل. رسالتها هذه تلقى صدى واسعاً بين الشباب الذين يجدون فيها إلهاماً للسعي خلف شغفهم مهما كانت التحديات.
⏳ المستقبل ينتظر: ما بعد “ذا فويس”
إن برنامج “ذا فويس” هو مجرد نقطة انطلاق. التحدي الحقيقي أمام جودي شاهين يبدأ من الآن. فالحفاظ على مستوى الأداء العالي، واختيار الأغاني التي تستعرض قدراتها بشكل متوازن، وتطوير هويتها الفنية الخاصة، كلها عوامل ستحدد مسارها في المراحل المقبلة.
المستقبل الفني لجودي يبدو واعداً، خاصة مع قاعدة جماهيرية واسعة من السوريين والعرب الذين التفوا حولها فور ظهورها. هذه القاعدة الجماهيرية ستكون داعماً أساسياً لها في مراحل التصويت.
التوقعات والمخاطر:
-
نقاط القوة: صوت طربي أصيل، إتقان للأغاني الكلاسيكية، حضور آسر.
-
نقاط التحدي: ضرورة إظهار المرونة في أداء ألوان جديدة، وتجنب الانغماس الكلي في الأغاني الصعبة على حساب الأداء السهل الممتنع، وبناء شخصية فنية مستقلة عن فنانة “ذا فويس”.
الموهبة السورية جودي شاهين، ابنة اللاذقية، هي بلا شك واحدة من أبرز الأسماء المرشحة للذهاب بعيداً في المنافسة، ليس لأنها تملك صوتاً جميلاً فحسب، بل لأنها تملك الروح والشغف والإرادة التي تضعها على طريق النجومية. إنها تمثل امتداداً لأصوات سورية عملاقة، وتحمل على عاتقها مسؤولية رفع اسم بلدها عالياً في المحافل الفنية.
خاتمة: صدى الفن الأصيل
في النهاية، يمكن القول إن جودي شاهين قد حفرت اسمها بالفعل في ذاكرة المشاهدين. لقد أثبتت أن الفن الأصيل لا يموت، وأن صوتها، الذي يحمل نكهة اللاذقية وعمق الطرب، مستعد لغزو الساحة الفنية. ومع كل إطلالة جديدة لها على المسرح، ستكون الأنظار موجهة إليها، تنتظر منها المزيد من الإبهار والتألق. جودي شاهين ليست مجرد متسابقة، بل هي فنانة قادمة تحمل في حنجرتها وعداً بمستقبل موسيقي مشرق.
MBC The Voice